وَمَنْ خَشَعَ خَضَعَ وَاسْتَمَرَّ، وَلَمْ يَنْقُرْ وَلَا اسْتَعْجَلَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فَيَقْتَصِرَ عَلَى الْفَرْضِ الَّذِي قَدْ بَيَّنَّاهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ ذَكَرَ صَلَاةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: هَذَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوجَزَةٌ فِي تَمَامٍ.
[الْآيَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ]
الْآيَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ:
قَوْله تَعَالَى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: ١٤٨]. فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهَا؛ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّمَا نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ يَظْلِمُ الرَّجُلَ، فَيَجُوزُ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَذْكُرَهُ بِمَا ظَلَمَهُ فِيهِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَآخَرُونَ: إنَّمَا نَزَلَتْ فِي الضِّيَافَةِ؛ إذَا نَزَلَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ ضَيْفًا فَلَمْ يَقُمْ بِهِ جَازَ لَهُ إذَا خَرَجَ عَنْهُ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ. وَقَالَ رَجُلٌ لِطَاوُسٍ: إنِّي رَأَيْت مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فِي سَفَرٍ، أَفَأَذْكُرُهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ؛ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ». وَقَالَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute