[مَسْأَلَةٌ وَهَبَ أَبَاهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا مَالًا لِلْحَجِّ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَلَّفِ قُوتٌ يَتَزَوَّدُهُ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إجْمَاعًا، وَإِنْ وَهَبَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ مَالًا يَحُجُّ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ إجْمَاعًا، وَلَوْ كَانَ رَجُلٌ وَهَبَ أَبَاهُ مَالًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْهُ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يُجَازِي الْوَالِدَ عَنْ نِعَمِهِ لَا يَبْتَدِئُهُ بِعَطِيَّةٍ. قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْوَلَدِ لَوْ كَانَتْ جَزَاءً لَقُضِيَ بِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا، ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مِنَّةٌ فَفِيهِ سُقُوطُ الْحُرْمَةِ وَحَقِّ الْأُبُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ قَدْ جَزَاهُ وَقَدْ وَفَاهُ.
[مَسْأَلَةٌ حَجّ الْأَعْمَى]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْحَجِّ عَنْ الْأَعْمَى لِإِمْكَانِ وُصُولِهِ إلَى الْبَيْتِ مَحْمُولًا؛ فَيَحْصُلُ لَهُ وَصْفُ الِاسْتِطَاعَةِ، كَمَا يَحْصُلُ لَهُ فَرْضُ الْجُمُعَةِ بِوُجُودِ قَائِدٍ إلَيْهَا، وَيَلْزَمُ السَّعْيُ لِقَضَائِهَا.
[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا]
وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: ١٠٣] فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْحَبْلُ: لَفْظٌ لُغَوِيٌّ يَنْطَلِقُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ؛ أَعْظَمُهَا السَّبَبُ الْوَاصِلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَهُوَ هَاهُنَا مِمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ عَهْدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: كِتَابُهُ، وَقِيلَ: دِينُهُ.
وَقَدْ رَوَى الْأَئِمَّةُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ رُؤْيَا الظُّلَّةِ الَّتِي تَنْطِفُ عَسَلًا وَسَمْنًا، وَفِيهِ قَالَ: «وَرَأَيْت شَيْئًا وَاصِلًا مِنْ السَّمَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute