الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]: هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهَا، وَإِلَيْهَا رَجَعَ عَقِبَ الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَذَلِكَ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَحَدِيثِ سُبَيْعَةَ فِي السُّنَّةِ؛ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ قَدْ حَصَلَتْ يَقِينًا، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
[مَسْأَلَة وَضَعَتْ الْحَامِلُ مَا وَضَعَتْ مِنْ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ إذَا وَضَعَتْ الْحَامِلُ مَا وَضَعَتْ مِنْ عَلَقَةٍ أَوْ مُضْغَةٍ حَلَّتْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَحِلُّ إلَّا بِمَا يَكُونُ وَلَدًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَأَوْضَحْنَا أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي وَضْعِ اللَّهِ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي فِيهَا يُخْلَقُ الْوَلَدُ فَوُضِعَتْ اخْتِبَارًا لِشَغْلِ الرَّحِمِ مِنْ فَرَاغِهِ.
[الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ]
َّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦]
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦]: قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: يَخْرُجُ عَنْهَا إذَا طَلَّقَهَا، وَيَتْرُكُهَا فِي الْمَنْزِلِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] فَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَا قَالَ: أَسْكِنُوهُنَّ.
وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] يَعْنِي الْمُطَلَّقَاتِ اللَّاتِي قَدْ بِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا رَجْعَةَ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ، وَلَيْسَتْ حَامِلًا؛ فَلَهَا السُّكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ، لَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute