وَقَدْ حَقَّقْنَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَتَقَصَّيْنَا الْقَوْلَ عَلَى الْحَدِيثِ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى الْخَبِيثِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَائِدَةٌ؛ وَهِيَ مَعْرِفَةُ مَعْنَى الْخَبِيثِ، فَإِنَّ جَمَاعَةً قَالُوا: إنَّ الْخَبِيثَ هُوَ الْحَرَامُ، وَزَلَّ فِيهِ صَاحِبُ الْعَيْنِ فَقَالَ: الْخَبِيثُ كُلُّ شَيْءٍ فَاسِدٍ، وَأَخَذَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّجِيعِ خَبِيثًا. وَقَالَ يَعْقُوبُ: الْخَبِيثُ: الْحَرَامُ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ مِنْهُ لِلُّغَةِ بِالشَّرْعِ، وَهُوَ جَهْلٌ عَظِيمٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَبِيثَ يَنْطَلِقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ». الثَّانِي: مَا تُنْكِرُهُ النَّفْسُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧]
[الْآيَة الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ قَوْله تَعَالَى إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ]
َ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: ٢٧١]
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْآيَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا صَدَقَةُ الْفَرْضِ.
الثَّانِي: أَنَّهَا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى صَدَقَةَ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ تَفْضُلُ صَدَقَةَ الْعَلَانِيَةِ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا، وَجَعَلَ صَدَقَةَ الْعَلَانِيَةِ فِي الْفَرْضِ تَفْضُلُ صَدَقَةَ السِّرِّ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute