[مَسْأَلَةٌ تَعَيَّنْ الشَّهَادَة]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا كَانَ عَلَى الْحَقِّ شُهُودٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ أَدَاؤُهَا عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ أَدَّاهَا اثْنَانِ وَاجْتَزَأَ بِهِمَا الْحَاكِمُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ لَمْ يَجْتَزِئْ بِهِمَا تَعَيَّنَ الْمَشْيُ إلَيْهِ حَتَّى يَقَعَ الْإِثْبَاتُ، وَهَذَا يُعْلَمُ بِدُعَاءِ صَاحِبِهَا، فَإِذَا قَالَ لَهُ: أَحْيِ حَقِّي بِأَدَاءِ مَا عِنْدَك لِي مِنْ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
[مَسْأَلَةٌ التَّوْثِيقِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْحُقُوقِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالتَّوْثِيقِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْحُقُوقِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الْمُحَافَظَةِ فِي مُرَاعَاةِ الْمَالِ وَحِفْظِهِ، وَيُعْتَضَدُ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ».
[الْآيَة الْمُوفِيَة تِسْعِينَ قَوْله تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا]
لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] هَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي الدِّينِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ شَرِيعَةِ الْمُسْلِمِينَ شَرَّفَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْأُمَمِ بِهَا، فَلَمْ يُحَمِّلْنَا إصْرًا وَلَا كَلَّفَنَا فِي مَشَقَّةٍ أَمْرًا، وَقَدْ كَانَ مَنْ سَلَفَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إذَا أَصَابَ الْبَوْلُ ثَوْبَ أَحَدِهِمْ قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ، فَخَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ إلَى وَظَائِفِ عَلَى الْأُمَمِ حَمَلُوهَا، وَرَفَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute