[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران: ٨٠] الْمَعْنَى: وَلَا آمُرُ الْخَلْقَ أَنْ يَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا يَعْبُدُونَهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَأْمُرُ بِالْكُفْرِ مَنْ أَسْلَمَ فِعْلًا، وَلَا يَأْمُرُ بِالْكُفْرِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ عَقْلًا، فَلَمَّا لَمْ يَتَقَدَّرْ وَلَا تُصُوِّرَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَمْرٌ.
[مَسْأَلَةٌ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَتَّخِذُوا النَّاسَ عِبَادًا يَتَأَلَّهُونَ لَهُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَتَّخِذُوا النَّاسَ عِبَادًا يَتَأَلَّهُونَ لَهُمْ، وَلَكِنْ أَلْزَمَ الْخَلْقَ طَاعَتَهُمْ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ رَبِّي وَلْيَقُلْ سَيِّدِي». وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ يُوسُفَ: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: ٤٢] وَقَالَ: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ» فَتَعَارَضَتْ.
فَلَوْ تَحَقَّقْنَا التَّارِيخَ لَكَانَ الْآخَرُ رَافِعًا لِلْأَوَّلِ أَوْ مُبَيِّنًا لَهُ عَلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي النَّسْخِ. وَإِذَا جَهِلْنَا التَّارِيخَ وَجَبَ النَّظَرُ فِي دَلَالَةِ التَّرْجِيحِ. وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ بِمَا الْكَافِي مِنْهُ الْآنَ لَكُمْ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ لِتَخْلِيصِ الِاعْتِقَادِ مِنْ أَنْ يَعْتَقِدَ لِغَيْرِ اللَّهِ عُبُودِيَّةً أَوْ فِي سِوَاهُ رُبُوبِيَّةً، فَلَمَّا حَصَلَتْ الْعَقَائِدُ كَانَ الْجَوَازُ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: ٧٩] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ بِضَمِّ التَّاءِ، وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ لَا تَتَّخِذُوهُمْ عِبَادًا بِحَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute