للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ لَهُ فِي أَمْرِهَا فَيَسْدُلُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا رَجُلٌ قَدْ أَكْمَلَ اللَّهُ عَلَيَّ النِّعْمَةَ فِي صِحَّةِ بَدَنِي وَمَعْرِفَتِي، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينِي، فَلَعَلَّهَا بُعِثَتْ عُقُوبَةً عَلَى دِينِي، فَأَخَاف إذَا فَارَقْتُهَا أَنْ تَنْزِلَ بِي عُقُوبَةٌ هِيَ أَشَدُّ مِنْهَا.

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَبْلَ هَذَا

[الْآيَة الْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ]

ٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: ٢٠] فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ الْفِرَاقَ لِلْأَزْوَاجِ وَالِانْتِقَالَ بِالنِّكَاحِ مِنْ امْرَأَةٍ إلَى امْرَأَةٍ أَخْبَرَ عَنْ دِينِهِ الْقَوِيمِ وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ فِي تَوْفِيَةِ حُقُوقِهِنَّ إلَيْهِنَّ عِنْدَ فِرَاقِهِنَّ؛ فَوَطْأَةٌ وَاحِدَةٌ حَلَالًا تُقَاوِمُ مَالَ الدُّنْيَا كُلِّهِ، نَهَى الْأَزْوَاجَ عَنْ أَنْ يَعْتَرِضُوهُنَّ فِي صَدَقَاتِهِنَّ، إذْ قَدْ وَجَبَ ذَلِكَ لَهُنَّ وَصَارَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِنَّ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: ٢٠] فِيهِ جَوَازُ كَثْرَةِ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يُقَلِّلُونَهُ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ: " أَلَا لَا تُغَالُوا فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا وَتَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ مَا أَصْدَقَ قَطُّ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا مِنْ بَنَاتِهِ فَوْقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً " فَقَامَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا عُمَرُ، يُعْطِينَا اللَّهُ وَتَحْرُمُنَا أَنْتَ؟ أَلَيْسَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] فَقَالَ عُمَرُ: " امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَأَمِيرٌ أَخْطَأَ ". وَفِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ مِثْلُهُ إلَى قَوْلِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، زَادَ: فَإِنَّ الرَّجُلَ يُغَلِّي بِالْمَرْأَةِ فِي صَدَاقِهَا. فَتَكُونُ حَسْرَةٌ فِي صَدْرِهِ فَيَقُولُ: كُلِّفْت إلَيْكَ عِرْقَ الْقِرْبَةِ. قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>