الْأَوَّلُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ؛ نَقَضُوا الْعَهْدَ، وَأَخَافُوا السَّبِيلَ، وَأَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ، فَخَيَّرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ فِيهِمْ.
الثَّانِي: نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّالِثُ: «نَزَلَتْ فِي عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ، قَدِمَ مِنْهُمْ نَفَرٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ إنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إذَا كَانُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَلُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالَتِهِمْ.» وَقَالَ قَتَادَةُ: فَبَلَغَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ». هَذَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قِصَّتِهِمْ، وَتَمَامُهَا عَلَى الِاسْتِيفَاءِ فِي صَرِيحِ الصَّحِيحِ، زَادَ الطَّبَرِيُّ: وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ.
الرَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ مُعَاتَبَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَأْنِ الْعُرَنِيِّينَ؛ قَالَهُ اللَّيْثُ.
الْخَامِسُ: قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ نَاسِخَةٌ لِمَا فَعَلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ.
[مَسْأَلَة الْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْمُحَارَبَةِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ: لَوْ ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ لَكَانَ غَرَضًا ثَابِتًا، وَنَصَّا صَرِيحًا. وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَهُودَ، وَدَخَلَ تَحْتَهَا كُلُّ ذِمِّيٍّ وَمَلِّيٍّ. وَهَذَا مَا لَمْ يَصِحَّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْيَهُودِ حَارَبَ، وَلَا أَنَّهُ جُوزِيَ بِهَذَا الْجَزَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute