الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ:
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنْ كَانَ آجَرَهُ عَلَى رِعَايَةِ الْغَنَمِ فَالْإِجَارَةُ عَلَى رِعَايَةِ الْغَنَمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً، أَوْ مُسَمَّاةً بِعِدَّةٍ، أَوْ مُعَيَّنَةً. فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً جَازَتْ عِنْدَ عُلَمَائِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: إنَّهَا لَا تَجُوزُ لِجَهَالَتِهَا.
وَعَوَّلَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى الْعُرْفِ، وَأَنَّهُ يُعْطِي عَلَى قَدْرِ مَا تَحْتَمِلُ قُوَّتُهُ. وَزَادَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْرَ قُوَّتِهِ.
وَهَذَا صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ صَالِحَ مَدْيَنَ قَدْ عَلِمَ قَدْرَ قُوَّةِ مُوسَى بِرَفْعِ الْحَجَرِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مَعْدُودَةً فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.
وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُودَةً مُعَيَّنَةً فَفِيهَا تَفْصِيلٌ لِعُلَمَائِنَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَشْتَرِطَ الْخَلْفَ إنْ مَاتَتْ، وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا، قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَقَدْ اسْتَأْجَرَ صَالِحُ مَدْيَنَ مُوسَى عَلَى غَنَمِهِ، وَقَدْ رَآهَا وَلَمْ يَشْرِطْ خَلْفًا.
[مَسْأَلَة تَشْتَرِطُ صَدَاقَ بَنَاتِهَا وَتَقُولُ لِي كَذَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِي]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الَّذِي [كَانَ] جَرَى مِنْ صَالِحِ مَدْيَنَ لَمْ يَكُنْ ذِكْرًا لِصَدَاقِ الْمَرْأَةِ؛ وَإِنَّمَا كَانَ اشْتِرَاطًا لِنَفْسِهِ عَلَى مَا تَفْعَلُهُ الْأَعْرَابُ فَإِنَّهَا تَشْتَرِطُ صَدَاقَ بَنَاتِهَا، وَتَقُولُ: لِي كَذَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِي
قُلْنَا: هَذَا الَّذِي تَفْعَلُهُ الْأَعْرَابُ هُوَ حُلْوَانُ وَزِيَادَةٌ عَلَى الْمَهْرِ، وَهُوَ حَرَامٌ لَا يَلِيقُ بِالْأَنْبِيَاءِ. فَأَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَلِيُّ شَيْئًا لِنَفْسِهِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَا يُخْرِجُهُ الزَّوْجُ مِنْ يَدِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: