الْجَارِيَةُ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لِإِسْلَامِهَا، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يَضْرِبُهَا عَلَى امْتِنَاعِهَا مِنْ الْقُرَشِيِّ، رَجَاءَ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ، فَيَطْلُبَ فِدَاءَ وَلَدِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ. وَكَذَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ.
[مَسْأَلَة الْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ:
وَقَعَ فِي مُطْلَقِ هَذِهِ الْآيَةِ النَّهْيُ عَنْ الْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا إنْ أَرَادَتْ الْمُكْرَهَةُ الْإِحْصَانَ، وَلَا يَجُوزُ الْإِكْرَاهُ بِحَالٍ، فَتَعَلَّقَ بَعْضُ الْغَافِلِينَ بِشَيْءٍ مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَكَرُوهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ لِغَفْلَتِهِمْ عَنْ الْحَقَائِقِ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي، وَهَذَا مِمَّا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ إرَادَةَ التَّحَصُّنِ مِنْ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُ الْإِكْرَاهَ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ رَاغِبَةً فِي الزِّنَا لَمْ يُتَصَوَّرْ إكْرَاهٌ، فَحَصِّلُوهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
قَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْإِكْرَاهِ فِيمَا سَبَقَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى تَصَوُّرِ الْإِكْرَاهِ فِي الزِّنَا، خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَهُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَنْهَى اللَّهُ إلَّا عَنْ مُتَصَوَّرٍ، وَلَا يَقَعُ التَّكْلِيفُ إلَّا بِمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ؛ وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُسْقِطُ حُكْمَ التَّكْلِيفِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الزَّانِيَ يَنْتَشِرُ وَيَشْتَهِي إذَا اتَّصَلَ بِالْمَرْأَةِ طَبْعًا.
قُلْنَا: الْإِلْجَاءُ إلَى ذَلِكَ هُوَ الَّذِي أَسْقَطَ حُكْمَهُ.
[مَسْأَلَة مَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:
«نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»، فَإِنَّ مِنْ الْبَغَايَا مَنْ كَانَ يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْ الْبَغْيِ، وَكَذَلِكَ كَانَ جَرَى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ رَوَى مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: ٣٣] قَالَ: كَانُوا يَأْمُرُونَ وَلَائِدَهُمْ فَيُبَاغِينَ فَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فَيُصِبْنَ، فَيَأْتِينَهُمْ بِكَسْبِهِنَّ. وَكَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute