فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ عَائِشَةُ فِي حَدِيثِهَا: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَلَّا يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ} [النور: ٢٢] يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ. {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النور: ٢٢] يَعْنِي مِسْطَحًا إلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٢٢] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاَللَّهِ يَا رَبَّنَا، إنَّا لَنُحِبُّ أَنْ يُغْفَرَ لَنَا، وَعَادَ لِمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَذْفَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرَةً لَا يُحْبِطُ الْأَعْمَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَصَفَ مِسْطَحًا بَعْدَ قَوْلِهِ بِالْهِجْرَةِ وَالْإِيمَانِ.
[مَسْأَلَة الْحِنْثَ إذَا رَآهُ خَيْرًا أَوْلَى مِنْ الْبِرِّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: عَجِبْت لِقَوْمٍ يَتَكَلَّفُونَ فَيَتَكَلَّمُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ حَلَفَ أَلَّا يُنْفِقَ عَلَى مِسْطَحٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ نَفَقَتَهُ؛ فَمَنْ لِلْمُتَكَلِّفِ لَنَا تَكَلَّفَ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْهُزْءِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَحْرُمُ، أَوْ لَا تَحْرُمُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَتَحْقِيقُهُ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
وَهِيَ حَسَنَةٌ أَنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْحِنْثَ إذَا رَآهُ خَيْرًا أَوْلَى مِنْ الْبِرِّ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ». وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ.
[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا]
وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور: ٢٧].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute