[الْآيَة الثَّامِنَة وَالْخَمْسُونَ قَوْله تَعَالَى وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ]
َ} [البقرة: ٢١٩] اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَا فَضَلَ عَنْ الْأَهْلِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: الْوَسَطُ مِنْ غَيْرِ تَبْذِيرٍ وَلَا إسْرَافٍ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّالِثُ: مَا سَمَحَتْ بِهِ النَّفْسُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا.
الرَّابِعُ: الصَّدَقَةُ عَنْ ظَهْرِ غِنًى؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الْخَامِسُ: صَدَقَةُ الْفَرْضِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا.
السَّادِسُ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا.
التَّنْقِيحُ: قَدْ بَيَّنَّا أَقْسَامَ الْعَفْوِ فِي مَوْرِدِ اللُّغَةِ عِنْدَمَا فَسَّرْنَا قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨] فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ.
وَأَسْعَدُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ [بِالتَّحْقِيقِ] وَبِالصِّحَّةِ مَا عَضَّدَتْهُ اللُّغَةُ، وَأَقْوَاهَا عِنْدِي الْفَضْلُ، لِلْأَثَرِ الْمُتَقَدِّمِ.
[وَلِلنَّظَرِ]، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَصَدَّقَ بِالْكَثِيرِ نَدِمَ وَاحْتَاجَ، فَكِلَاهُمَا مَكْرُوهٌ شَرْعًا، فَإِعْطَاءُ الْيَسِيرِ حَالَةً بَعْدَ حَالَةٍ أَوْقَعُ فِي الدِّينِ وَأَنْفَعُ فِي الْمَالِ؛ وَقَدْ «جَاءَ أَبُو لُبَابَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ كَعْبٌ، فَقَالَ لَهُمَا: الثُّلُثُ».
[الْآيَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى]
الْآيَة التَّاسِعَة وَالْخَمْسُونَ
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: ٢٢٠]