وَلَمْ يَحُجَّ مَاشِيًا»؛ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَدَى بِهِ أَهْلُ مِلَّتِهِ لَمْ يَقْدِرُوا، وَإِنْ قَصَّرُوا عَنْهُ تَحَسَّرُوا، وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا. وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ طَافَ رَاكِبًا لِيَرَى النَّاسُ هَيْئَةَ الطَّوَافِ.
[الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ]
قَوْله تَعَالَى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨].
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ لَامُ الْمَقْصُودِ وَالْفَائِدَةُ الَّتِي يَنْسَاقُ الْحَدِيثُ لَهَا وَتُنَسَّقُ عَلَيْهِ، وَأَجَلُّهَا قَوْلُهُ: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢].
وَقَدْ تَتَّصِلُ بِالْفِعْلِ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ وَتَتَّصِلُ بِالْحَرْفِ، كَقَوْلِهِ {لِئَلا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: ٢٩].
وَقَدْ حَقَّقْنَا مَوْرِدَهَا فِي مَلْجَئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى مَنَافِعَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ {مَنَافِعَ} [الحج: ٢٨] فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: الْمَنَاسِكُ.
الثَّانِي: الْمَغْفِرَةُ.
الثَّالِثُ: التِّجَارَةُ.
الرَّابِعُ: مِنْ الْأَمْوَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ نُسُكٍ وَتِجَارَةٍ وَمَغْفِرَةٍ وَمَنْفَعَةٍ دُنْيَا وَآخِرَةٌ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ عُمُومُ قَوْلِ: {مَنَافِعَ} [الحج: ٢٨] فَكُلُّ ذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ، وَهَذَا