وَقَدْ قَالَ اللَّهُ لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا تَخَفْ. وَقَبْلَهُ قِيلَ ذَلِكَ لِلُوطٍ؛ فَهُمْ فَزِعُونَ مِنْ خَوْفٍ مَا لَمْ يَكُنْ قِيلَ لَهُمْ [فِيهِ]: إنَّكُمْ مِنْهُ مَعْصُومُونَ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ قَوْلُهُ: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: ٢٢]: أَيْ نَحْنُ خَصْمَانِ. وَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ لَمْ يَأْمُرْ بِإِخْرَاجِهِمْ إذْ عَلِمَ مَطْلَبَهُمْ، وَقَدْ دَخَلُوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَهَلَّا أَدَّبَهُمْ عَلَى تَعَدِّيهِمْ؟ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّا لَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ شَرْعِهِ فِي الْحِجَابِ وَالْإِذْنِ، فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى حَسْبِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي ابْتِدَاءِ شَرْعِنَا مُهْمَلًا عَنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، حَتَّى أَوْضَحَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْبَيَانِ.
الثَّانِي: إنَّا لَوْ نَزَّلْنَا الْجَوَابَ عَلَى أَحْكَامِ الْحِجَابِ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْفَزَعُ الطَّارِئُ عَلَيْهِ أَذْهَلَهُ عَمَّا كَانَ يَجِبُ فِي ذَلِكَ لَهُ.
الثَّالِثُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كَلَامَهُمَا الَّذِي دَخَلَا لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ آخِرَ الْأَمْرِ مِنْهُ، وَيَرَى هَلْ يَحْتَمِلُ التَّقَحُّمُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنٍ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَقْتَرِنُ بِذَلِكَ عُذْرٌ لَهُمَا، أَمْ لَا يَكُونُ لَهُمَا عُذْرٌ عَنْهُ.
وَكَانَ مِنْ آخِرِ الْحَالِ مَا انْكَشَفَ مِنْ أَنَّهُ بَلَاءٌ وَمِحْنَةٌ وَمَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ فِي الْقِصَّةِ، وَأَدَبٌ وَقَعَ عَلَى دَعْوَى الْعِصْمَةِ.
الرَّابِعُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا إذْنَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَحَدٍ، وَلَا حَجْرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ.
[الْآيَة الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ]
ٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: ٢٣].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute