يَوْمَ أَرْبِعَاءٍ لَا يَتَكَرَّرُ، وَكَذَلِكَ كَانَ: مَاتَ فِي سَفَرِهِ، وَهَذَا مَا لَا أَرَاهُ، فَإِنَّ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمٌ عَجِيبٌ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْخَلْقِ فِيهِ، وَالتَّرْتِيبِ؛ فَإِنَّ الْحَدِيثَ ثَابِتٌ «بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ يَوْمَ السَّبْتِ التُّرْبَةَ، وَيَوْمَ الْأَحَدِ الْجِبَالَ، وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ الشَّجَرَ، وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الْمَكْرُوهَ، وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ النُّورَ»، وَرُوِيَ: النُّونُ وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّهُ خَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ غُرَّةَ التِّقْنِ»، وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ أُتْقِنَ بِهِ الْأَشْيَاءُ يَعْنِي الْمَعَادِنَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ
فَالْيَوْمُ الَّذِي خَلَقَ فِيهِ الْمَكْرُوهَ لَا يَعَافُهُ النَّاسُ، وَالْيَوْمُ الَّذِي خَلَقَ فِيهِ النُّورَ أَوْ التِّقْنَ يَعَافُونَهُ، إنَّ هَذَا لَهُوَ الْجَهْلُ الْمُبِينُ.
وَفِي الْمَغَازِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعَا عَلَى الْأَحْزَابِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ إلَى يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ»، وَهِيَ سَاعَةٌ فَاضِلَةٌ؛ فَالْآثَارُ الصِّحَاحُ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْيَوْمِ، وَكَيْفَ يُدَّعَى فِيهِ تَغْرِيرُ النَّحْسِ بِأَحَادِيثَ لَا أَصْلَ لَهَا، وَقَدْ صَوَّرَ قَوْمٌ أَيَّامًا مِنْ الْأَشْهُرِ الشَّمْسِيَّةِ ادَّعَوْا فِيهَا الْكَرَامَةَ؛ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا، وَلَا يَشْتَغِلَ بِآلَاتِهَا، وَاَللَّهُ حَسِيبُهُمْ.
[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا]
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: ٣٠].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [فصلت: ٣٠] يَعْنِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ؛ إذْ لَا يَتِمُّ أَحَدُ الرُّكْنَيْنِ إلَّا بِالْآخَرِ، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَاسْتَقَرَّ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: ٣٠] اسْتِفْعَالٌ، مِنْ قَامَ يَعْنِي دَامَ وَاسْتَمَرَّ وَفِيهَا قَوْلَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute