للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: قَوْمُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْمَائِدَةِ. الثَّانِي: قَوْمُ صَالِحٍ فِي النَّاقَةِ. الثَّالِثُ: قُرَيْشٌ فِي الصَّفَا ذَهَبًا. الرَّابِعُ: بَنُو إسْرَائِيلَ، كَانَتْ تَسْأَلُ: فَإِذَا عَرَفْت بِالْحُكْمِ لَمْ تُقِرَّ وَلَمْ تَمْتَثِلْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْكُلِّ، وَلَقَدْ كَفَرَتْ الْعِيسَوِيَّةُ بِعِيسَى وَبِالْمَائِدَةِ، وَالصَّالِحِيَّةِ بِالنَّاقَةِ، وَالْمَكِّيَّةِ بِكُلِّ مَا شَهِدَتْ مِنْ آيَةٍ، وَعَايَنَتْ مِنْ مُعْجِزَةٍ مِمَّا سَأَلَتْهُ وَمِمَّا لَمْ تَسْأَلْهُ عَلَى كَثْرَتِهَا؛ وَهَذَا تَحْذِيرٌ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مَنْ سَبَقَ مِنْ الْأُمَمِ.

[مَسْأَلَة تَحْرِيمَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنْ الْغَافِلِينَ تَحْرِيمَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ حَتَّى تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ جَهْلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ صَرَّحَتْ بِأَنَّ السُّؤَالَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ فِيمَا تَقَعُ الْمَسَاءَةُ فِي جَوَابِهِ، وَلَا مَسَاءَةَ فِي جَوَابِ نَوَازِلِ الْوَقْتِ، وَقَدْ كَانَ مَنْ سَلَفَ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ يَكْرَهُهَا أَيْضًا، وَيَقُولُ فِيمَا يَسْأَلُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ: دَعُوهُ دَعُوهُ حَتَّى يَقَعَ، يُرِيدُ: فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حِينَئِذٍ يُعِينُ عَلَى جَوَابِهِ، وَيَفْتَحُ إلَى الصَّوَابِ مَا اسْتَبْهَمَ مِنْ بَابِهِ؛ وَتَعَاطِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ غُلُوٌّ فِي الْقَصْدِ، وَسَرَفٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِ؛ وَقَدْ وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى رَبِيعَةِ الرَّأْيِ وَهُوَ يُفَرِّعُ الْمَسَائِلَ، فَقَالَ: مَا الْعِيُّ عِنْدَنَا إلَّا مَا هَذَا فِيهِ مُنْذُ الْيَوْمِ. وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَنِيَ بِبَسْطِ الْأَدِلَّةِ، وَإِيضَاحِ سُبُلِ النَّظَرِ، وَتَحْصِيلِ مُقَدَّمَاتِ الِاجْتِهَادِ، وَإِعْدَادِ الْآلَةِ الْمُعِينَةِ عَلَى الِاسْتِمْدَادِ؛ فَإِذَا عَرَضَتْ النَّازِلَةُ أَتَيْت مِنْ بَابِهَا، وَنُشِدَتْ فِي مَظَانِّهَا، وَاَللَّهُ يَفْتَحُ فِي صَوَابِهَا.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إنْ تَبْدُ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: وَهُمْ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي ثَلَاثَةِ فُصُولٍ:

الْأَوَّلُ: قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: {لا تَسْأَلُوا} [المائدة: ١٠١] إلَى قَوْلِهِ: {تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١] سُؤَالٌ عَمَّا لَا يَعْنِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ هُوَ سُؤَالٌ عَمَّا يَضُرُّ وَيَسُوءُ، فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ شَيْءٍ يَضُرُّ. وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَمَّا لَا يَعْنِي. وَهَذَا بَيِّنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>