وَالرَّاهِبُ هُوَ مِنْ الرَّهْبَةِ: الَّذِي حَمَلَهُ خَوْفُ اللَّهِ عَلَى أَنْ يُخْلِصَ إلَيْهِ النِّيَّةَ دُونَ النَّاسِ، وَيَجْعَلَ زِمَامَهُ لَهُ، وَعَمَلَهُ مَعَهُ، وَأُنْسَهُ بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: ٦٤]: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَدِيُّ؟ اطْرَحْ عَنْك هَذَا الْوَثَنَ. وَسَمِعْته يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١]. قَالَ: أَمَا إنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ».
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٢٩]؛ بَلْ يَجْعَلُونَ التَّحْرِيمَ لِغَيْرِهِ. .
[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ]
ِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤].
فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [التوبة: ٣٤]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَكْلُهَا بِالرُّشَا، وَهِيَ كُلُّ هَدِيَّةٍ قُصِدَ بِهَا التَّوَصُّلُ إلَى بَاطِلٍ، كَأَنَّهَا تُسَبِّبُ إلَيْهِ؛ مِنْ الرِّشَاءِ، وَهُوَ الْحَبْلُ؛ فَإِنْ كَانَتْ ثَمَنًا لِلْحُكْمِ فَهُوَ سُحْتٌ، وَإِنْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute