وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا نَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَلَا، فَقَالَ: إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمَبْنِيَّ عَلَى الشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ يُحِلُّ الْفَرْجَ لِمَنْ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي بُطْلَانُ قَوْلِهِ فِي آيَةِ اللِّعَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[الْآيَة الْحَادِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ]
َ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: ٧٩] {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٨٠] فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: قِيلَ: إنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا إلَى قَوْلِهِ: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} [آل عمران: ١٢١] كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا نَصَارَى نَجْرَانَ، وَلَكِنْ مُزِجَ مَعَهُمْ الْيَهُودُ؛ لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا مِنْ الْجَحْدِ وَالْعِنَادِ مِثْلَ فِعْلِهِمْ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى رَبَّانِيِّينَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قَوْله تَعَالَى: {رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: ٧٩] وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الرَّبِّ، وَقَدْ بَيَّنَّا تَفَاصِيلَ مَعْنَى اسْمِ الرَّبِّ فِي " الْأَمَدِ الْأَقْصَى "، وَهُوَ هَاهُنَا عِبَارَةٌ عَنْ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ الْعِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ، وَكَأَنَّهُ يَقْتَدِي بِالرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي تَيْسِيرِ الْأُمُورِ الْمُجْمَلَةِ فِي الْعَبْدِ عَلَى مِقْدَارِ بَدَنِهِ مِنْ غِذَاءٍ وَبَلَاءٍ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: ٧٩] الْمَعْنَى: وَإِنَّ عِلْمَهُمْ بِالْكِتَابِ، وَدَرْسَهُمْ لَهُ يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي شُرِحَتْ فِيهِ لَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute