بِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي يَرَى الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ هِيَ الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ يَقُولُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا كُحْلٌ أَوْ خَاتَمٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا الْكُحْلُ وَالْخَاتَمُ وَجَبَ سَتْرُهَا، وَكَانَتْ مِنْ الْبَاطِنَةِ. فَأَمَّا الزِّينَةُ الْبَاطِنَةُ فَالْقُرْطُ وَالْقِلَادَةُ وَالدُّمْلُجِ وَالْخَلْخَالِ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: الْخِضَابُ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السِّوَارِ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: هِيَ مِنْ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْيَدَيْنِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ مِنْ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْكَفَّيْنِ؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي الذِّرَاعِ. وَأَمَّا الْخِضَابُ فَهُوَ مِنْ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ إذَا كَانَ فِي الْقَدَمَيْنِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هِيَ الَّتِي فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، فَإِنَّهَا الَّتِي تَظْهَرُ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي الْإِحْرَامِ عِبَادَةً، وَهِيَ الَّتِي تَظْهَرُ عَادَةً.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١]: الْجَيْبُ: هُوَ الطَّوْقُ وَالْخِمَارُ: هِيَ الْمِقْنَعَةُ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ لَمَّا نَزَلَ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: ٣١] شَقَقْنَ مُرُوطَهُنَّ وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ أَيْضًا: شَقَقْنَ أُزُرَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا، كَأَنَّهُ مَنْ كَانَ لَهَا مِرْطٌ شَقَّتْ مِرْطَهَا، وَمَنْ كَانَتْ لَهَا إزَارٌ شَقَّتْ إزَارَهَا. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَتْرَ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ بِمَا فِيهِ، وَيُوَضِّحُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ» أَيْ لَا تُعْرَفُ فُلَانَةُ مِنْ فُلَانَةَ.
[مَسْأَلَة حَرَّمَ اللَّهُ إظْهَارَ الزِّينَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ مَحِلًّا]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: ٣١] حَرَّمَ اللَّهُ إظْهَارَ الزِّينَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ مَحِلًّا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute