للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا سَهْمَ لَهُ: أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا لِلْبُلُوغِ مُطِيقًا لِلْقِتَالِ فَيُسْهَمُ لَهُ عِنْدَنَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُسْهَمُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّكْلِيفِ، فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ، فَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «عُرِضْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي».

فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا ذَلِكَ حَدُّ الْبُلُوغِ.

وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ حَبِيبٍ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى إطَاقَتِهِ لِلْقِتَالِ، فَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ أَمَرَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُقْتَلَ مِنْهُمْ مِنْ أَنْبَتَ، وَيُخَلَّى مَنْ لَمْ يُنْبِتْ؛ وَهَذِهِ مُرَاعَاةٌ لِإِطَاقَةِ الْقِتَالِ أَيْضًا لَا لِلْبُلُوغِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[مَسْأَلَة الْمَرْأَةُ لَا سَهْمَ لَهَا فِي الْغَنِيمَة وَإِنْ قَاتَلَتْ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] هَذَا خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْكُفَّارِ وَلَا لِلنِّسَاءِ، وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ مَنْ قَاتَلَ الْكُفَّارَ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، وَخُوطِبَ بِهِ مَنْ يُقَاتِلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دُونَ مَنْ لَا يُقَاتِلُ.

فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا سَهْمَ لَهَا فِيهِ، وَإِنْ قَاتَلَتْ إلَّا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ؛ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: «إنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا يُسْهَمُ لَهُنَّ»؛ فَإِنَّ الْقِتَالَ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِنَّ، وَالسَّهْمُ لَمْ يُقْضَ بِهِ لَهُنَّ.

وَأَمَّا الْعَبِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِذَا خَرَجُوا لُصُوصًا، وَأَخَذُوا مَالَ أَهْلِ الْحَرْبِ فَهُوَ لَهُمْ، وَلَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْخِطَابِ أَحَدٌ مِنْهُمْ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُخَمَّسُ مَا يَنُوبُ الْعَبْدَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>