أَحَدُهُمَا: جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ.
وَالثَّانِي: وُجُوبُ نَقْلِ الْمَاءِ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: نَشَأَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَرَى نَفْسَهُ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِنْبَاطِ، وَلَيْسَ مِنْهُ، مِنْ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مِنْ بَلَلِ لِحْيَتِهِ نَقْلُ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ، وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ الْفِقْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ؛ فَيَكْفِي مِنْهُ مَا يَظْهَرُ عَلَى الْيَدِ وَعَلَى الْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ؛ فَأَمَّا نَقْلُ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ.
[مَسْأَلَة تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ كَمَا وَصَفَ أَصْحَابُهُ، فَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ كُلُّهَا حَيْثُمَا وَرَدَتْ فَاخْتَلَفَتْ صِفَاتُ وُضُوئِهِ فِيهَا وَكَثْرَةُ الْأَعْدَادِ فِي الْأَعْضَاءِ وَقِلَّتُهَا حَاشَا الرَّأْسِ، وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ: «تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا». قَالَ أَبُو دَاوُد: وَأَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ عَلَى أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ مَسْحَةً وَاحِدَةً. وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
[مَسْأَلَة صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ: ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ: «أَنَّهُ أَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ». وَفِي الْبُخَارِيِّ: «فَأَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ»؛ وَهُمَا صَحِيحَانِ مُتَوَافِقَانِ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ؛ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي تَسْمِيَةِ الْفِعْلِ بِابْتِدَائِهِ وَبِغَايَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute