فَإِنْ قِيلَ: وَكَذَلِكَ الْحَرَائِرُ. قُلْنَا: حَلُّوا بِدَلِيلٍ آخَرَ. وَقِيلَ: عَنَى بِذَلِكَ نِسَاءَ بَنْيِ إسْرَائِيلَ دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ الَّذِينَ دَانُوا بِدِينِ بَنِي إسْرَائِيلَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ مَعَهُمْ فِي ذَبَائِحِهِمْ وَنِكَاحِهِمْ لِقَوْلِهِ: فَإِنَّهُ مِنْهُمْ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩] هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ نَفْسُ الْإِعْطَاءِ وَالِالْتِزَامِ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ؟ قُلْنَا: أَمَّا مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَقَدْ تَلَوْته عَلَيْكُمْ.
وَأَمَّا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ فَيَقُولُونَ: إنَّمَا الْمُرَادُ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥]. وَذِكْرُ الْجِزْيَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقِتَالِ لَا فِي النِّكَاحِ، إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ كَرِهُوا نِكَاحَ الْحَرْبِيَّةِ لِئَلَّا يُولَدَ لَهُ فِيهِمْ فَيَتَنَصَّرُوا وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهُمْ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [المائدة: ٥] قَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، وَأَرَادَ بِهِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا غَيْرَ مُتَعَالِنِينَ بِالزِّنَا كَالْبَغَايَا، وَلَا مِمَّنْ يَتَّخِذُ أَخْدَانًا، مَعْنَاهُ يَخْتَصُّ بِزَانٍ مَعْلُومٍ وَبِزَانِيَةٍ مَعْلُومَةٍ.
وَفِي هَذَا تَخْصِيصُ قَوْله تَعَالَى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: ٣] الْآيَةَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ]
الْآيَةُ السَّادِسَةُ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: ٦]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute