للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلُّ فَرِيضَةٍ لَمْ يُهْبِطْهَا اللَّهُ إلَّا إلَى فَرِيضَةٍ، فَهِيَ الْمُقَدَّمُ، وَكُلُّ فَرْضٍ إذَا زَالَ رَجَعَ إلَى مَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُؤَخَّرُ. قَالَ الْقَاضِي: اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ أَحَدٌ إلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْوَرَثَةَ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ، فَأُعْطُوا عِنْدَ التَّضَايُقِ حُكْمَ الْحِصَّةِ، أَصْلُهُ الْغُرَمَاءُ إذَا ضَاقَ مَالُ الْغَرِيمِ عَنْ حُقُوقِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَتَحَاصُّونَ بِمِقْدَارِ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ فِي رَأْسِ مَالِ الْغَرِيمِ.

[الْآيَة الثَّانِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَاَللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ]

ْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: ١٥] قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ مُعْضِلَةٌ فِي الْآيَاتِ لَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُعِينَ عَلَى عِلْمِهَا، وَفِيهَا ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً، لِأَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقَوْلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، اللَّذَيْنِ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِحَالٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَمْدُودًا إلَى غَايَةٍ، ثُمَّ وَقَعَ بَيَانُ الْغَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِنَسْخٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُنْتَظِمٌ مُتَّصِلٌ لَمْ يَرْفَعَ مَا بَعْدَهُ مَا قَبْلَهُ، وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى اللَّاتِي]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اللَّاتِي هُوَ جَمْعُ الَّتِي؛ كَلِمَةٌ يُخْبَرُ بِهَا عَنْ الْمُؤَنَّثِ خَاصَّةً، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: " الَّذِي " يُخْبَرُ بِهِ عَنْ الْمُذَكَّرِ خَاصَّةً، وَجَمْعُهُ الَّذِينَ، وَقَدْ تُحْذَفُ التَّاءُ فَتَبْقَى الْيَاءُ السَّاكِنَةُ فَتَجْرِي بِحَرَكَتِهَا، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: ٤]، فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ الْمَخْزُومِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>