للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحْدَاهَا: أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مُكَاتِبًا، وَلَا فِي آخِرِ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ حُرًّا.

وَقَدْ قَالَ مَرَّةً: فَلِمَنْ يَكُونُ الْوَلَاءُ؟ وَقَالَ آخِرًا: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، وَمَا بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ فَعَلُوا ذَلِكَ.

الثَّانِيَةُ: رَوَى عَنْهُ مُطَرِّفٌ أَنَّهُ يُعْطَى الْمُكَاتَبُونَ.

الثَّالِثَةُ: قَالَ: يَشْتَرِي مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً فَيُعْتِقُهَا، يَكُونُ وَلَاؤُهَا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

الرَّابِعَةُ: قَالَ مَالِكٌ: لَا آمُرُ أَحَدًا أَنْ يَشْتَرِيَ رَقَبَةً مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ فَيُعْتِقُهَا.

وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ شِرَاءُ الرِّقَابِ وَعِتْقُهَا، كَذَلِكَ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ حَيْثُ ذَكَرَ الرَّقَبَةَ فِي كِتَابِهِ إنَّمَا هُوَ الْعِتْقُ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُكَاتَبِينَ لَذَكَرَهُمْ بِاسْمِهِمْ الْأَخَصِّ، فَلَمَّا عَدْلَ إلَى الرَّقَبَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْعِتْقَ.

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ قَدْ دَخَلَ فِي جُمْلَةٍ الْغَارِمِينَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْكِتَابَةِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الرِّقَابِ، وَرُبَّمَا دَخَلَ فِي الْمُكَاتَبِ بِالْعُمُومِ، وَلَكِنْ فِي آخِرِ نَجْمٍ يُعْتَقُ بِهِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ، وَلَا حَرَجَ عَلَى مُعْطِي الصَّدَقَةِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ تَخْلِيصَهُ مِنْ الرِّقِّ، وَفَكِّهِ مِنْ حَبْسِ الْمِلْكِ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَلَا يَتَأَتَّى عَنْ الْوَلَاءِ؛ فَإِنَّ الْغَرَضَ تَخْلِيصُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الرِّقِّ، وَفَكُّهُ مِنْ حَبْسِ الْمِلْكِ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ.

[مَسْأَلَة اشْتَرَى الْإِمَامُ مِنْ رَجُلٍ أَبَاهُ وَأَخَذَ الْمَالَ لِيُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ اشْتَرَى الْإِمَامُ مِنْ رَجُلٍ أَبَاهُ وَأَخَذَ الْمَالَ لِيُعْتِقَهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ [فِيهِ] قَوْلُ مَالِكٍ؛ فَمَنَعَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَجَازَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ.

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الثَّمَنَ»، وَلِأَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّمَنِ مُقَابِلٌ يُوَازِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>