الثَّانِي: قَالَ مَالِكٌ: مُزْجَاةٌ تَجُوزُ فِي كُلِّ مَكَان، فَهِيَ الْمُزْجَاةُ رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ. وَلَا أَدْرِي مَا هَذَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ جَبَذَ وَجَذَبَ، وَإِلَّا فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ الرِّوَايَةِ فِيهِ. وَقَدْ فَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا الْبُطْمُ وَالصَّنَوْبَرُ، وَالْبُطْمُ هُوَ الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ.
[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: ٨٨] الْمَعْنَى جِئْنَا بِقَدْرِنَا، فَأَعْطِنَا بِقَدْرِك، تَضَاءَلُوا بِالْحَاجَةِ، وَتَمَسْكَنُوا بِفَادِحَةِ الْمُصِيبَةِ فِي الْأَخَوَيْنِ، وَمَا صَارَ إلَيْهِ أَمْرُ الْأَبِ بَعْدَهُمَا.
[مَسْأَلَة أُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةُ النَّقْدِ عَلَى الْمُبْتَاعِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: قَالُوا لِيُوسُفَ: فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ، فَكَانَ يُوسُفُ هُوَ الَّذِي يَكِيلُ، إشَارَةً إلَى أَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَمْيِيزُ حَقِّ الْمُشْتَرِي مِنْ حَقِّهِ، إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ مُعَيَّنًا صُبْرَةً أَوْ مَا لَا حَقَّ تَوْفِيَةٍ فِيهِ، فَقَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ فَمَا جَرَى عَلَى الْمَبِيعِ فَهُوَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: أُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ، وَأُجْرَةُ النَّقْدِ عَلَى الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ لِدَرَاهِمِهِ يَقُولُ: إنَّهَا طَيِّبَةٌ فَأَنْتَ الَّذِي تَدَّعِي الرَّدَاءَةَ فَانْظُرْ لِنَفْسِك، فَإِنْ خَرَجَ فِيهَا رَدِيءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الدَّافِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة وَكُلُّ مَا كَانَ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً يَتْبَعُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} [يوسف: ٨٨] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ بِضَاعَتَهُمْ غَيْرُ مَرْضِيَّةٍ قَالُوا: اجْعَلْهَا حِبَاءً إنْ لَمْ تَكُنْ شِرَاءً. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: طَلَبُوا مِنْهُ وَفَاءَ الْكَيْلِ وَالصَّدَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكُلُّ مَا كَانَ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً يَتْبَعُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَلَا يُلْحَقُ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَهِيَ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَدْ بَيَّنَّاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute