للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١].

إنَّ الْبَارِئَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِمَ وَشَهِدَ؛ فَهَذَا عِلْمُهُ. وَشَهَادَتُهُ قَوْله تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: ١٨] وَأَمْثَالُهُ.

وَقَدْ يُقَالُ: شَهَادَةُ اللَّهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، يُقَالُ: وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فِي قَوْلِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَخَدَعُوا وَغَرُّوا، وَاَللَّهُ خَادِعُهُمْ وَمَاكِرٌ بِهِمْ، وَهُوَ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.

[مسالة الرَّجُلَ إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ هَلْ يَكُون يَمِينًا]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ فِي يَمِينِهِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا بِنِيَّةِ الْيَمِينِ.

وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ أَنَّهُ دُونَ النِّيَّةِ [يَمِينٌ]، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ، وَلَا أَرَى الْمَسْأَلَةَ إلَّا هَكَذَا فِي أَصْلِهَا، وَإِنَّمَا غَلِطَ هَذَا الْعَالِمُ أَوْ غَلِطَ فِي النَّقْلِ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا قَالَ [الرَّجُلُ] أَشْهَدُ: إنَّهُ يَمِينٌ إذَا أَرَادَ بِاَللَّهِ.

[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ]

ِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المنافقون: ٢].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: ٢] لَيْسَ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١] وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى سَبَبِ الْآيَةِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>