للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة لِمَاذَا سميت الْكَعْبَة كَعْبَة]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: الْكَعْبَةُ: وَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِتَرَبُّعِهَا؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ. الثَّانِي: أَنَّهَا سُمِّيَتْ كَعْبَةً لِنُتُوئِهَا وَبُرُوزِهَا؛ فَكُلُّ نَاتِئٍ بَارِزٌ كَعْبٌ، مُسْتَدِيرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَدِيرٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، يُقَالُ: كَعَبَ ثَدْيُ الْمَرْأَةِ؛ وَهَذِهِ صِفَتُهَا هُنَا، وَقَدْ شَرَحْنَا أَمْرَهَا فِي " إيضَاحِ الصَّحِيحَيْنِ ".

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {الْبَيْتَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٩٧]: سَمَّاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْتًا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ سَقْفٍ وَجِدَارٍ، وَهِيَ حَقِيقَةُ الْبَيْتِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا سَاكِنٌ؛ وَلَكِنْ جَعَلَ لَهَا شَرَفَ الْإِضَافَةِ بِقَوْلِهِ: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: ١٢٥].

وَقَالَ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]. عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَسْأَلَةُ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {الْحَرَامَ} [المائدة: ٩٧]: سَمَّاهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ حَرَامًا بِتَحْرِيمِهِ إيَّاهَا. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا أَوْ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُولُوا لَهُ: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ».

رَوَاهُ الْكُلُّ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَثَبَتَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>