فَقَدْ أَعْظَمَ الذَّنْبَ، وَمَنْ اسْتَحَلَّهُ مُتَأَوِّلًا فَقَدْ أَعْظَمَ الذَّنْبَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ فِيهَا بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ». وَهَذَا نَصٌّ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ الْعَدَوِيُّ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْعَاصِي، وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى مَكَّةَ: «ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثُك قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، أَوْ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُولُوا لَهُ: إنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ».
فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَك عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْك بِذَلِكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلَا فَارًّا بِدَمٍ، وَلَا فَارًّا بِخَرْبَةٍ.
وَهَذَا مِنْ احْتِجَاجِ عَمْرٍو بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ قَائِمًا بِالْحَقِّ، عَادِلًا فِي الْحَرَمِ، دَاعِيًا إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
[الْآيَة الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ]
ِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: ٢٦].
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالُوا مَعْنَاهُ وَطَّأْنَا وَمَهَّدْنَا. وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا؛ إنَّمَا الْمَبَاءَةُ الْمَنْزِلُ، وَبَوَّأْنَا فَعَّلْنَا مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute