للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ حَرْفَ " إنْ " يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ الْوَاجِبِ، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ الْمُمْكِنِ، وَعَلَى هَذَا خُرِّجَ قَوْلُهُ: " وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ". وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي مَلْجَئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ وَاللُّغَوِيِّينَ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيٍّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] يَقُولُ فِي شَأْنِ الْعِدَّةِ: إنَّ تَفْسِيرَهَا: إنْ لَمْ تَدْرُوا مَا تَصْنَعُونَ فِي أَمْرِهَا فَهَذِهِ سَبِيلُهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] يَعْنِي الصَّغِيرَةَ، وَعِدَّتُهَا أَيْضًا بِالْأَشْهُرِ؛ لِتَعَذُّرِ الْأَقْرَاءِ فِيهَا عَادَةً؛ وَالْأَحْكَامُ إنَّمَا أَجْرَاهَا اللَّهُ عَلَى الْعَادَاتِ، فَهِيَ تَعْتَدُّ

بِالْأَشْهُرِ، فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي زَمَنِ احْتِمَالِهِ عِنْدَ النِّسَاءِ انْتَقَلَتْ إلَى الدَّمِ، لِوُجُودِ الْأَصْلِ. فَإِذَا وُجِدَ الْأَصْلُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَدَلِ حُكْمٌ، كَمَا أَنَّ الْمُسِنَّةَ إذَا اعْتَدَّتْ بِالدَّمِ، ثُمَّ انْقَطَعَ عَادَتْ إلَى الْأَشْهُرِ.

رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ اعْتَدَّتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ، وَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالتَّرَبُّصِ سَنَةً.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: تَبْقَى إلَى سِنِّ الْيَأْسِ.

وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: تَعْتَدُّ سَنَةً؛ وَإِنْ كَانَتْ مُسِنَّةً وَانْقَطَعَ حَيْضُهَا وَقَالَ النِّسَاءُ: إنَّ مِثْلَهَا لَا تَحِيضُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ إنَّهَا تَبْقَى إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ مُرْتَابَةً بِحَمْلٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ لَا تَحِلُّ أَبَدًا حَتَّى تَيْأَسَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

[مَسْأَلَة لِلْمَرْءِ أَنْ يُنْكِحَ وَلَدَهُ الصِّغَارَ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى: {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْءِ أَنْ يُنْكِحَ وَلَدَهُ الصِّغَارَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ عِدَّةَ مَنْ لَمْ يَحِضْ مِنْ النِّسَاءِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَلَا تَكُونُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا نِكَاحٌ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْغَرَضِ، وَهُوَ بَدِيعٌ فِي فَنِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>