وَالْحَالَةُ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ؛ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْإِيمَانِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، فَقَالَ: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: ٣١].
{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦].
وَقَالَ: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤].
وَقَالَ فِي جِهَةِ الْكُفَّارِ: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٥].
فَأَطْلَق الزِّيَادَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ:
وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِعِلْمِهِ وَوَرَعِهِ امْتَنَعَ مِنْ إطْلَاقِ النَّقْصِ فِي الْإِيمَانِ لِوُجُوهٍ بَيَّنَّاهَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، مِنْهَا: أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَنَاوَلُ إيمَانَ اللَّهِ وَإِيمَانَ الْعَبْدِ؛ فَإِذَا أُطْلِقَ إضَافَةُ النَّقْصِ إلَى مُطْلَقِ الْإِيمَانِ دَخَلَ فِي ذَلِكَ إيمَانُ اللَّهِ، وَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ ذَلِكَ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ لِاسْتِحَالَتِهِ فِيهِ عَقْلًا، وَامْتِنَاعِهِ شَرَعَا.
وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ إضَافَةُ ذَلِكَ إلَى إيمَانِ الْعَبْدِ عَلَى التَّخْصِيصِ، بِأَنْ يَقُولَ: إيمَانُ الْخَلْقِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْإِيمَانَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ مَدْحُهَا، وَيَحْرُمُ ذَمُّهَا شَرْعًا، وَالنَّقْصُ صِفَةُ ذَمٍّ؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّ الْمَدْحَ فِيهِ، وَيَحْرُمُ الذَّمُّ، فَإِذَا تَحَرَّرَ لَكُمْ هَذَا وَيَسَّرَ اللَّهُ قَبُولَ أَفْئِدَتِكُمْ لَهُ فَإِنَّهُ مُقَلِّبُ الْأَفْئِدَةِ وَالْأَبْصَارِ. .
[مَسْأَلَة أَنْوَاعِ الْكُفْرِ]
فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى: وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: ٣٧]: بَيَانٌ لِمَا فَعَلَتْهُ الْعَرَبُ مِنْ جَمْعِهَا بَيْنَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، فَإِنَّهَا أَنْكَرَتْ وُجُودَ الْبَارِي، فَقَالَتْ: وَمَا الرَّحْمَنُ؟ فِي أَصَحِّ الْوُجُوهِ.
وَأَنْكَرَتْ الْبَعْثَ، فَقَالَتْ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨].
وَأَنْكَرَتْ بَعْثَةَ الرُّسُلِ، فَقَالَتْ: {أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ} [القمر: ٢٤].
وَزَعَمَتْ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ إلَيْهَا، فَابْتَدَعَتْ مِنْ ذَاتِهَا مُقْتَفِيَةً لِشَهَوَاتِهَا التَّحْرِيمَ وَالتَّحْلِيلَ، ثُمَّ زَادَتْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنْ غَيَّرَتْ دَيْنَ اللَّهِ، وَأَحَلَّتْ مَا حَرَّمَ، وَحَرَّمَتْ مَا