للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} [البقرة: ٢٢٢] تَجِدُهُ صَحِيحًا؛ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ اعْتَزِلُوا جُمْلَةَ الْمَرْأَةِ كَانَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢] عَامًّا فِيهَا، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] رَاجِعًا إلَى جُمْلَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا} [البقرة: ٢٢٢] أَسْفَلَهَا مِنْ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: حَتَّى يَطْهُرَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ كُلُّهُ؛ وَلَا يَصِحُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ نِظَامُ الْكَلَامِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ حَتَّى يُطَهِّرْنَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ فَاعْتَزِلُوا الْفَرْجَ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ.

فَإِنْ قِيلَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: ٢٢٢] فَإِذَا زَالَ الْأَذَى جَازَ الْوَطْءُ. قُلْنَا: عَنْهُ جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِزَوَالِ الْأَذَى مَا وَجَبَ غَسْلُ الْفَرْجِ عِنْدَك، لِأَنَّ الْأَذَى قَدْ زَالَ بِالْجُفُوفِ أَوْ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ، فَغَسْلُ الْفَرْجِ إذْ ذَاكَ يَكُونُ وَقَدْ زَالَتْ الْعِلَّةُ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ، فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ، فَدَلَّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحُكْمِ الْحَيْضِ لَا بِوُجُودِهِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَّلَ بِكَوْنِهِ أَذًى، ثُمَّ مَنَعَ الْقُرْبَانَ حَتَّى تَكُونَ الطَّهَارَةُ مِنْ الْأَذَى، وَهَذَا بَيِّنٌ.

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَأْتُوهُنَّ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: {فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢]: مَعْنَاهُ فَجِيئُوهُنَّ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ الْوَطْءِ، كَمَا كَنَّى عَنْهُ بِالْمُلَامَسَةِ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " إنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَعْفُو وَيُكَنِّي، كَنَّى بِاللَّمْسِ عَنْ الْجِمَاعِ ".

وَأَمَّا مَوْرِدُهُ فَقَدْ كَانَ يَتَرَكَّبُ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {فَاعْتَزِلُوا} [البقرة: ٢٢٢] لَوْلَا قَوْلُهُ: " مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ " فَإِنَّهُ خَصَّصَهُ وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: وَفِيهَا سِتَّةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: مِنْ حَيْثُ نُهُوا عَنْهُنَّ.

الثَّانِي: الْقُبُلُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ.

الثَّالِثُ: مِنْ جَمِيعِ بَدَنِهَا؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>