للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْقَى أَحَدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُ لَهُ: اسْلَمْ، عِشْ أَلْفَ عَامٍ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ. فَهَذَا دُعَاءٌ فِي طُولِ الْحَيَاةِ أَوْ طِيبِهَا بِالسَّلَامَةِ مِنْ الذَّامِّ أَوْ الذَّمِّ، فَجُعِلَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَالْعَطِيَّةُ الشَّرِيفَةُ بَدَلًا مِنْ تِلْكَ، وَأَعْلَمَنَا أَنَّ أَصْلَهَا آدَم.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ} [النساء: ٨٦]: فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ} [النساء: ٨٦] أَنَّهُ فِي الْعُطَاسِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ.

الثَّانِي: إذَا دُعِيَ لِأَحَدِكُمْ بِطُولِ الْبَقَاءِ فَرُدُّوا عَلَيْهِ أَوْ بِأَحْسَنَ مِنْهُ.

الثَّالِثُ: إذَا قِيلَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ.

وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ جَوَابَ كِتَابٍ، فَقَالَ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالسَّلَامُ لِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]. فَاسْتَشْهَدَ مَالِكٌ فِي هَذَا بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَدِّ الْجَوَابِ إذَا رَجَعَ الْجَوَابُ عَلَى حَقٍّ. كَمَا رُوِيَ رَجَعَ الْمُسْلِمُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]: فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَحْسَنَ مِنْهَا أَيْ الصِّفَةِ، إذَا دَعَا لَك بِالْبَقَاءِ فَقُلْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّهَا أَحْسَنُ مِنْهَا فَإِنَّهَا سُنَّةُ الْآدَمِيَّةِ، وَشَرِيعَةُ الْحَنِيفِيَّةِ.

الثَّانِي: إذَا قَالَ لَك سَلَامٌ عَلَيْك فَقُلْ: وَعَلَيْك السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى أَوْ رُدُّوهَا]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]: اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>