للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: حَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا فِي السَّلَامِ.

الثَّانِي: أَنَّ أَحْسَنَ مِنْهَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ، وَأَنَّ رُدَّهَا بِعَيْنِهَا هُوَ فِي الْكَافِرِ؛ وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إذَا سَلَّمُوا عَلَيْك قَالُوا: السَّامُّ عَلَيْكُمْ فَقُولُوا عَلَيْكُمْ». كَذَلِكَ كَانَ سُفْيَانُ يَقُولُهَا. وَالْمُحْدَثُونَ يَقُولُونَ بِالْوَاوِ، وَالصَّوَابُ سُقُوطُ الْوَاوِ؛ لِأَنَّ قَوْلَنَا لَهُمْ: عَلَيْكُمْ رَدٌّ، وَقَوْلَنَا وَعَلَيْكُمْ مُشَارَكَةٌ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. «وَكَانَتْ عَائِشَةُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ الْيَهُودُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلَيْك السَّامُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَلَيْكُمْ فَفَهِمَتْ عَائِشَةُ قَوْلَهُمْ؛ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَوَ لَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْت عَلَيْكُمْ؟ إنَّهُ يُسْتَجَابُ لَنَا فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي».

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: التَّحِيَّةُ هَاهُنَا الْهَدِيَّةُ، أَرَادَ الْكَرَامَةَ بِالْمَالِ وَالْهِبَةِ قَالَ الشَّاعِرُ:

إذْ تُحْيِي بِضَيْمُرَانَ وَآسِ

وَقَالَ آخَرُ: وَالْمُرَادُ بِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْكَرَامَةُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: أَوْ رُدُّوهَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا، وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ السَّلَامِ بِعَيْنِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>