قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنَّ الْفِئَتَيْنِ لَمُوَلِّيَتَانِ، وَمَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةُ رَجُلٍ».
وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ.
[مَسْأَلَة قَوْلُهُ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} [الأنفال: ٤٥] فِيهِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ: الْأَوَّلُ: اُذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ جَزَعِ قُلُوبِكُمْ؛ فَإِنَّ ذِكْرَهُ يُثَبِّتُ.
الثَّانِي: اُثْبُتُوا بِقُلُوبِكُمْ وَاذْكُرُوهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ؛ فَإِنَّ الْقَلْبَ قَدْ يَسْكُنُ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَيَضْطَرِبُ اللِّسَانُ؛ فَأَمَرَ بِذِكْرِ اللَّهِ حَتَّى يَثْبُتَ الْقَلْبُ عَلَى الْيَقِينِ، وَيَثْبُتَ اللِّسَانُ عَلَى الذِّكْرِ.
الثَّالِثُ: اُذْكُرُوا مَا عِنْدَكُمْ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ [لَكُمْ] فِي ابْتِيَاعِهِ أَنْفُسَكُمْ مِنْكُمْ وَمُثَامَنَتِهِ لَكُمْ.
وَكُلُّهَا مُرَادٌ، وَأَقْوَاهَا وَأَوْسَطُهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ قُوَّةِ الْمَعْرِفَةِ، وَنَفَاذِ الْقَرِيحَةِ، وَاتِّقَادِ الْبَصِيرَةِ، وَهِيَ الشُّجَاعَةُ الْمَحْمُودَةُ فِي النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ أَقْوَى مِنْ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ كَانَ أَشْجَعَ الْخَلِيقَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْضَاهُمْ عَزِيمَةً، وَأَنْفَذَهُمْ قَرِيحَةً، وَأَنْوَرَهُمْ بَصِيرَةً، وَأَصْدَقَهُمْ فِرَاسَةً، وَأَصَحَّهُمْ رَأْيًا، وَأَثْبَتَهُمْ [جَأْشًا]، وَأَصْفَاهُمْ إيمَانًا، وَأَشْرَحَهُمْ صَدْرًا، وَأَسْلَمَهُمْ قَلْبًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute