وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَاخْتَلَفُوا فِيهَا؛ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لِمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْقَرَابَتَانِ السُّدُسُ بِحُكْمِ الْأُمُومَةِ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ. وَقَالَ عُمَرُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ: الْمَالُ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي التَّعْصِيبِ، وَفَضَلَهُ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ؛ فَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ فِي التَّعْصِيبِ كَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ مَعَ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ.
وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأُمِّ سَبَبٌ يُفْرَضُ بِهِ فِي السِّهَامِ، فَلَا يُرَجَّحُ بِهِ فِي التَّعْصِيبِ، كَمَا لَوْ كَانَ زَوْجَهَا، وَبِهَذَا فَارَقَ الْأَخَ الشَّقِيقَ فَإِنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهُ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. قُلْنَا: إنَّمَا يُفْرَضُ فِيهَا لِوَلَدِ الْأُمِّ، لَا لِوَلَدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهِ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأُمِّ.
[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إلَى وَارِثٍ]
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَوْله تَعَالَى: {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ. أَمَّا رُجُوعُهُ إلَى الْوَصِيَّةِ فَبِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ.
الثَّانِي: بِأَنْ يُوصِيَ لِوَارِثٍ. فَأَمَّا إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحُقُوقِهِمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ. وَأَمَّا إنْ أَوْصَى إلَى وَارِثٍ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ الْمُبْدَنَةِ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا فِي وَصَايَاهُمْ، وَيَرْجِعُ مِيرَاثًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: تَبْطُلُ، وَلَا يَقَعُ بِهِ تَحَاصٌّ، وَنَظَرُهُمَا بَيِّنٌ فِي إسْقَاطِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِبُطْلَانِهِ. وَمَطْلَعُ نَظَرِ مَالِكٍ أَعْلَى؛ لِأَنَّا نَتَبَيَّنُ بِوَصِيَّتِهِ لِلْوَارِثِ مَعَ سَائِرِ الْوَصَايَا أَنَّهُ أَرَادَ تَنْقِيصَ حَظِّ الْوَصَايَا وَتَخْصِيصَ وَارِثِهِ، فَإِنْ بَطَلَ أَحَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute