للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الصَّحِيحِ «عَنْ عَائِشَةَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٢٩] الْآيَةَ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَدَأَ بِي، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ؛ إنِّي ذَاكِرٌ لَك أَمْرًا فَلَا عَلَيْك أَلَّا تُعَجِّلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك. قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ وَاَللَّهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، فَقَرَأَ عَلَيَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: ٢٨] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٩]. فَقُلْت: أَوَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ».

هَذِهِ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ أَيُّوبُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تُخْبِرْ أَزْوَاجَك أَنِّي اخْتَرْتُك؛ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُتَعَنِّتًا، إنَّمَا بَعَثَنِي مُبَلِّغًا».

وَفِي رِوَايَةٍ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ عَلَى أَزْوَاجِهِ الْآيَةَ وَيَقُولُ: قَدْ اخْتَارَتْنِي عَائِشَةُ، فَاخْتَرْنَهُ كُلُّهُنَّ».

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا خَيَّرَهُنَّ اخْتَرْنَهُ، فَقَصَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِنَّ، وَنَزَلَتْ: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: ٥٢].

وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مَسْأَلَةُ خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْهُ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:

قَدْ بَيَّنَّا كَيْفَ وَقَعَ التَّخْيِيرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ، لَا يَسْتَوْفِيهَا إلَّا الْإِطْنَابُ بِالتَّطْوِيلِ مَعَ اسْتِيفَاءِ التَّفْصِيلِ، وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فِي هَذِهِ الْعُجَالَةِ، وَبَيَانُهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، فَنُشِيرُ مِنْهُ الْآنَ إلَى طَرَفَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إذَا خَيَّرَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَاخْتَارَتْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>