قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ عَلَى النَّحْوِ الْأَوَّلِ أَرَادَ أَنْ يَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ فِي قَرَابَتِهِمْ وَحَالِ أَنْفُسِهِمْ فِيمَا يَفْعَلُ بِهِمْ.
[مَسْأَلَةٌ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] جَمِيعُ أَصْحَابِهِ؛ وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: الْمُرَادُ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَلَعَمْرُ اللَّهِ إنَّهُمْ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَأَحَقُّ بِهِ، وَلَكِنْ لَا يُقْصَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَصْرُهُ عَلَيْهِمْ دَعْوَى. وَقَدْ ثَبَتَ فِي السِّيَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْمَنْزِلِ. فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرَأَيْت هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ؟ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلَا نَتَأَخَّرَهُ أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ. قَالَ: فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ؛ انْطَلِقْ بِنَا إلَى أَدْنَى مَاءِ الْقَوْمِ» إلَى آخِرِهِ.
[الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ]
َّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] فِيهَا ثَمَانِي مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِيهَا ثَلَاثُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُنَافِقِينَ اتَّهَمُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغَانِمِ، وَرُوِيَ أَنَّ قَطِيفَةً حَمْرَاءَ فُقِدَتْ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَعَلَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا، وَأَكْثَرُوا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute