[مَسْأَلَة غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ شَعَره بَدَلَ الْمَسْحِ]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: ٦]: وَقَالَ الرَّاوِي: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ رَأْسَهُ، فَلَوْ غَسَلَهُ الْمُتَوَضِّئُ بَدَلَ الْمَسْحِ فَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ، إلَّا مَا أَخْبَرَنَا فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الدَّرْسِ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ الْقَاصِّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ. وَهَذَا تَوَلُّجٌ فِي مَذْهَبِ الدَّاوُدِيَّةِ الْفَاسِدِ مِنْ اتِّبَاعِ الظَّاهِرِ الْمُبْطِلِ لِلشَّرِيعَةِ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: ٧]. وَكَمَا قَالَ: {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد: ٣٣]؛ وَإِلَّا فَقَدْ جَاءَ هَذَا الْغَاسِلُ لِرَأْسِهِ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَزِيَادَةٍ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ زِيَادَةٌ خَرَجَتْ عَنْ اللَّفْظِ الْمُتَعَبَّدِ بِهِ. قُلْنَا: وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَعْنَاهُ فِي إيصَالِ الْفِعْلِ إلَى الْمَحَلِّ وَتَحْقِيقِ التَّكْلِيفِ فِي التَّطْهِيرِ.
[مَسْأَلَة تَجْدِيدِ الْمَاءِ لِكُلِّ عُضْوٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي تَجْدِيدِ الْمَاءِ لِكُلِّ عُضْوٍ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ يَدَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ». وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ " رَأَى «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ مَاءِ فَضْلِ يَدَيْهِ». قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ بِرَأْسِهِ مُطْلَقًا».
وَكَذَلِكَ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَرَدَتْ مُقَيَّدَةً، وَالْمُقَيَّدُ أَوْلَى مِنْ الْمُطْلَقِ؛ لِاحْتِمَالِ الْمُطْلَقِ وَتَنْصِيصِ الْمُقَيَّدِ. وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَمْسَحُ رَأْسَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute