للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ: {مُنْفَكِّينَ} [البينة: ١] يَعْنِي زَائِلِينَ عَنْ دِينِهِمْ، حَتَّى تَأْتِيَهُمْ الْبَيِّنَةُ بِبُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ الْبَيِّنَةُ هِيَ: {رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً} [البينة: ٢]، وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَالُوا: {مُطَهَّرَةً} [البينة: ٢] مِنْ الشِّرْكِ، وَقَالُوا: مُطَهَّرَةً بِحُسْنِ الذِّكْرِ، وَقَلْبٌ مُطَهَّرٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ.

وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْآيَةِ الَّتِي فِي {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس: ١]: {مُكَرَّمَةٍ} [عبس: ١٣] {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [عبس: ١٤] إنَّهَا

الْقُرْآنُ وَإِنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ؛ وَهَذِهِ الْآيَةُ تُوَافِقُ [ذَلِكَ وَتُؤَكِّدُهُ فَلَا يَمَسُّهَا إلَّا طَاهِرٌ شَرْعًا وَدِينًا، فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُ ذَلِكَ فَبَاطِلٌ لَا يُنْفَى] ذَلِكَ فِي كَرَامَتِهَا، وَلَا يُبْطِلُ حُرْمَتَهَا، كَمَا لَوْ قَتَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَبْطُلْ نُبُوَّتُهُ، وَلَا أَسْقَطَ ذَلِكَ حُرْمَتَهُ، وَلَا اقْتَضَى ذَلِكَ تَكْذِيبَهُ؛ بَلْ يَكُونُ زِيَادَةً فِي مَرْتَبَتِهِ فِي الدَّارَيْنِ.

[الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ]

َ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥]: فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِعِبَادَتِهِ، وَهِيَ أَدَاءُ الطَّاعَةِ لَهُ بِصِفَةِ الْقُرْبَةِ، وَذَلِكَ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ بِتَجْرِيدِ الْعَمَلِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ إلَّا لِوَجْهِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْإِخْلَاصُ الَّذِي تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَالنِّيَّةُ وَاجِبَةٌ فِي التَّوْحِيدِ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ؛ فَدَخَلَتْ تَحْتَ هَذَا الْعُمُومِ دُخُولَ الصَّلَاةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ خَرَجَتْ عَنْهُ طَهَارَةُ النَّجَاسَةِ، وَذَلِكَ يَعْتَرِضُ عَلَيْكُمْ فِي الْوُضُوءِ؟ قُلْنَا: إزَالَةُ النَّجَاسَةِ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا إزَالَةُ الْعَيْنِ، لَكِنْ بِمُزِيلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>