للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٣] قَدْ بَيَّنَّا بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَلَّغَكُمْ فِي الْعِلْمِ أَمَلَكُمْ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ بِصِفَاتٍ لِلْأَعْيَانِ، وَأَنَّ الْأَعْيَانَ لَيْسَتْ مَوْرِدًا لِلتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ وَلَا مَصْدَرًا، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ التَّكْلِيفُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ، لَكِنَّ الْأَعْيَانَ لَمَّا كَانَتْ مَوْرِدًا لِلْأَفْعَالِ أُضِيفَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْحُكْمُ إلَيْهَا وَعُلِّقَ بِهَا مَجَازًا بَدِيعًا عَلَى مَعْنَى الْكِنَايَةِ بِالْمَحِلِّ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ مِنْ بَابِ قِسْمِ التَّسْبِيبِ فِي الْمَجَازِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

[مَسْأَلَةٌ أَصْلُ الْمُحَرَّمَاتِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنْ الصِّهْرِ سَبْعًا، وَهَذَا صَحِيحٌ؛ وَهُوَ أَصْلُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَوَرَدَتْ مِنْ جِهَةِ مُبَيِّنَةٍ لِجَمِيعِهَا بِأَخْصَرِ لَفْظٍ وَأَدَلِّ مَعْنًى فَهِمَتْهُ الصَّحَابَةُ وَخَبَرَتْهُ الْعُلَمَاءُ.

وَنَحْنُ نُفَصِّلُ ذَلِكَ بِالْبَيَانِ فَنَقُولُ: الْأُمُّ: عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا عَلَيْكَ وِلَادَةٌ، وَيَرْتَفِعُ نَسَبُكَ إلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ، كَانَتْ مِنْكَ عَلَى عَمُودِ الْأَبِ أَوْ عَلَى عَمُودِ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَكَ. وَالْبِنْتُ: عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ لَك عَلَيْهَا وِلَادَةٌ تَنْتَسِبُ إلَيْكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ إذَا كَانَ مَرْجِعُهَا إلَيْكَ. وَالْأُخْتُ: عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ امْرَأَةٍ شَارَكَتْكَ فِي أَصْلَيْك: أَبِيكَ وَأُمِّكَ، وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأُخْتِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَكَ أُخْتًا؛ فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ ثُمَّ يُقَدَّرُ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>