[الْآيَة الْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمْ]
ُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١٥٠].
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ: رَضِيت بِفُلَانٍ فَإِذَا شَهِدَ أَنْكَرَهُ، وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَلْزَمُهُ مَا قَالَ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ الْقَوْلَانِ. وَمَشْهُورٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ الرِّضَا بِالشَّهَادَةِ ثُمَّ الْإِنْكَارُ؛ إنَّمَا فِيهَا طَلَبُ الدَّلِيلِ وَاسْتِدْعَاءُ الْبُرْهَانِ عَلَى الدَّعْوَى؛ فَإِنَّ الْعَرَبَ تَحَكَّمَتْ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، فَقَالَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ: قُلْ لَهُمْ: هَاتُوا شُهَدَاءَكُمْ بِأَنَّ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أَيْ حُجَّتَكُمْ حَتَّى نَسْمَعَهَا، وَنَنْظُرَ فِيهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} [الأنعام: ١٥٠]؟ قُلْنَا: هَذَا تَحْذِيرٌ مِنْ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ لِتَعْلَمَ أُمَّتُهُ الْمَعْنَى. فَإِنْ قَالَ شُهَدَاؤُهُمْ مِثْلَ مَا يَقُولُونَ فَلَا تَقُلْهُ مَعَهُمْ؛ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا قَالَ مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى بُطْلَانِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ]
ُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: ١٥٢].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ تَقَدَّمَ حَالُ الْوَلِيِّ مَعَ الْيَتِيمِ فِي مَالِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute