[الْآيَة الْمُوفِيَة خَمْسِينَ قَوْله تَعَالَى وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ]
ٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} [التوبة: ١٢٧].
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} [التوبة: ١٢٧]: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فِيهَا فَضِيحَتُهُمْ، أَوْ فَضِيحَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ جَعَلَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، يَقُولُ: هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ إذَا تَكَلَّمْتُمْ بِهَذَا فَيَنْقُلُهُ إلَى مُحَمَّدٍ؟ وَذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُمْ بِنُبُوَّتِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ يُطْلِعُهُ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ غَيْبِهِ.
الثَّانِي: إذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فِيهَا الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ نَظَرَ الرُّعْبِ، وَأَرَادُوا الْقِيَامَ عَنْهُ، لِئَلَّا يَسْمَعُوا ذَلِكَ، يَقُولُونَ: هَلْ يَرَاكُمْ إذَا انْصَرَفْتُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ ثُمَّ يَقُومُونَ وَيَنْصَرِفُونَ، صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ.
[مَسْأَلَة هَلْ يَصِحّ أَنْ يُقَال انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ قَوْمًا انْصَرَفُوا فَصَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَلَكِنْ قُولُوا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ.
وَهَذَا كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَمَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ عَنْهُ، فَإِنَّ نِظَامَ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: لَا يَقُلْ أَحَدٌ انْصَرَفْنَا مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَوْمًا قِيلَ فِيهِمْ: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مَقُولًا فِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ.
وَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْبُسْتِيُّ الْوَاعِظُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِ، يَقُولُ: كُنَّا فِي جِنَازَةٍ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ بِهَا: انْصَرِفُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ فَقَالَ: لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ انْصَرِفُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي قَوْمٍ ذَمَّهُمْ: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [التوبة: ١٢٧] وَلَكِنْ قُولُوا: انْقَلِبُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي قَوْمٍ مَدَحَهُمْ: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [آل عمران: ١٧٤].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute