للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَكَذَلِكَ قَالَ: لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَا يَرْتَبِطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ بِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَلَّقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: ٥]، فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَلْقٌ، كَمَا أَنَّهُ حَمْلٌ.

وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِمُضْغَةٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَنْبِيهًا عَلَى الْقُدْرَةِ.

قُلْنَا: فَأَيْنَ الْمَقْدُورُ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ؟ هَلْ هُوَ تَصْرِيفُ الْوَلَدِ بَيْنَ الْأَحْوَالِ، وَنَقْلِهِ مِنْ صِفَةٍ إلَى صِفَةٍ؟ فَذَكَرَ أَنَّ أَصْلَهُ النُّطْفَةُ، ثُمَّ تَتَدَاوَلُهُ الصِّفَاتُ، فَيَكُونُ خَلْقًا وَحَمْلًا. قَالَ الْمُعْتَرِضُ: وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ} [الطلاق: ٤] مَا يُسَمَّى وَلَدًا.

قُلْنَا: بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُسَمَّى حَمْلًا وَخَلْقًا لِشَغْلِ الرَّحِمِ؛ فَإِذَا سَقَطَ بَرِئَتْ الرَّحِمُ مِنْ شُغْلِهَا.

قَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرِثُ أَبَاهُ، فَدَلَّ عَلَى وُجُودِهِ خَلْقًا، وَكَوْنِهِ وَلَدًا وَحَمْلًا.

قَالَ الْمُعْتَرِضُ: لَا حُجَّةَ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُسْتَنِدًا إلَى حَالِ كَوْنِهِ نُطْفَةً.

قُلْنَا لَوْ لَمْ يَكُنْ خَلْقًا مَوْجُودًا، وَلَا وَلَدًا مَحْسُوبًا مَا أُسْنِدَ مِيرَاثُهُ إلَى حَالٍ وَلَا قُضِيَ لَهُ بِهِ.

[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ]

ِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥].

فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>