للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ هَلْ يَتَزَوَّجُ الْأَمَة أَمْ لَا]

فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: فَإِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، هَلْ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ أَمْ لَا؟ قُلْنَا: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا؛ فَقَالَ مَالِكٌ: إذَا خَشِيَ الْعَنَتَ مَعَ حُرَّةٍ وَاحْتَاجَ إلَى أُخْرَى، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَدَاقِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ؛ وَهَكَذَا مَعَ كُلِّ حُرَّةٍ وَكُلِّ أَمَةٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْأَرْبَعِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: إذَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ رُدَّ نِكَاحُهُ؛ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ الْأُولَى أَصَحُّ فِي الدَّلِيلِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ بِشَرْطٍ قَدْ وُجِدَ وَكَمُلَ عَلَى الْأَمْرِ. فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ:

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: فَهَلْ تَكُونُ الْحُرَّةُ بِالْخِيَارِ فِي الْبَقَاءِ مَعَهَا أَوْ الْفِرَاقِ؟ قُلْنَا: كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْوَاحِدَةِ، وَيَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ مَنْ رَضِيَ بِالسَّبَبِ الْمُحَقَّقِ رَضِيَ بِالْمُسَبَّبِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، وَأَلَّا يَكُونَ لَهَا خِيَارٌ؛ لِأَنَّهَا قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهُ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ، وَعَلِمَتْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ أَمَةً، وَمَا شَرَطَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا كَمَا شَرَطَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ اللَّهِ عِلْمُهَا، وَهَذَا غَايَةُ التَّحْقِيقِ فِي الْبَابِ وَالْإِنْصَافِ فِيهِ.

[مَسْأَلَة نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْله تَعَالَى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥]. بِهَذَا اسْتَدَلَّ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ نِكَاحَ الْمُؤْمِنَةِ، فَكَانَ شَرْطًا فِي نِكَاحِ الْإِمَاءِ الْإِيمَانُ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ وَنَحْنُ لَا نَقُولُ بِهِ. قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا اسْتِدْلَالًا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالتَّعْلِيلِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الْإِيمَانَ فِي نِكَاحِهِنَّ، وَذِكْرُ الصِّفَةِ فِي الْحُكْمِ تَعْلِيلٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَكْرِمُوا الْعَالِمَ وَاحْفَظُوا الْغَرِيبَ لَكَانَ تَنْصِيصًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>