للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَفْعِهِ مُدَّةٌ، فَإِنْ رُفِعَ الضَّرَرُ وَإِلَّا رَفَعَهُ الشَّرْعُ عَنْهَا؛ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالطَّلَاقِ كَمَا يَحْكُمُ فِي كُلِّ ضَرَرِ يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ كَالْجُبِّ وَالْعُنَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا غَايَةُ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ هَاهُنَا؛ وَاسْتِيفَاؤُهُ فِي الْمَسَائِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ إيلَاءِ الْكَافِرِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: هَذِهِ الْآيَةُ بِعُمُومِهَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إيلَاءِ الْكَافِرِ.

قُلْنَا: نَحْنُ نَقُولُ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرْعِ بِلَا خِلَافٍ فِيهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَكِنْ لَا عِبْرَةَ بِهِ عِنْدَنَا بِفِعْلِ الْكَافِرِ حَتَّى يُقَدِّمَ عَلَى فِعْلِهِ شَرْطَ اعْتِبَارِ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ الْإِيمَانُ، كَمَا لَا يُنْظَرُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يُقَدِّمَ شَرْطَهَا؛ لِأَنَّ زَوْجَتَهُ إنْ قُدِّرَتْ مُسْلِمَةً لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ، وَإِنْ قُدِّرَتْ كَافِرَةً فَمَا لَنَا وَلَهُمْ؟ وَكَيْفَ نَنْظُرُ فِي أَنْكِحَتِهِمْ؟ وَلَعَلَّ الْمُولَى فِيهَا هِيَ الْخَامِسَةُ أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ؛ فَهَذَا لَغْوٌ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ إذَا كَفَّرَ الْمُولِي]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إذَا كَفَّرَ الْمُولِي سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ فِي الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ إجْمَاعٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ، وَدَلِيلٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ؛ إذْ لَا يَرَى جَوَازَ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ.

[مَسْأَلَةٌ إيلَاء النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَصَارَ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ، فَلَمَّا أَكْمَلَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ نَزَلَ عَلَى أَزْوَاجِهِ صَبِيحَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: إنَّك آلَيْتَ شَهْرًا. فَقَالَ: إنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعُثْمَانِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ: وَصَلْت الْفُسْطَاطَ مَرَّةً، فَجِئْت مَجْلِسَ الشَّيْخِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ، وَحَضَرْت كَلَامَهُ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ مِمَّا قَالَ فِي أَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>