أَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا مِنْ الرَّأْسِ فَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ تَذْكُرْهُمَا فِي الْوُضُوءِ؛ وَهَذَا ضَعِيفٌ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا ذَكَرَتْهُمَا. وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ فَنَزَعَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سُجُودِهِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوَجْهِهِ جُمْلَتَهُ، وَالسَّمْعُ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ، وَالْبَصَرُ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَجْهِ فَالْكُلُّ مُضَافٌ إلَى الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَارِحَةِ وَلِلْقَصْدِ، فَأَضَافَهُ إلَى الِاسْمِ الْعَامِّ لِلْمَعْنَيَيْنِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْفَرْقِ فَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ تَحَكُّمٌ لَا تَعْضُدُهُ لُغَةٌ، وَلَا تَشْهَدُ لَهُ شَرِيعَةٌ. وَالصَّحِيحُ أَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِمَا، هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ وَأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَهُمَا، فَبَيَّنَ مَسْحَ الرَّأْسِ، وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ كَمَا يُمْسَحُ الرَّأْسُ، وَهُمَا مُضَافَانِ إلَيْهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ.
[مَسْأَلَة الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَالرَّأْسِ الْخَالِي مِنْ الشَّعْرِ هَلْ يُمْسَحُ أَمْ لَا]
الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ أَرْبَعِينَ: الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ وَالرَّأْسِ الْخَالِي مِنْ الشَّعْرِ: اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا؛ هَلْ يُمْسَحُ أَمْ لَا؟ وَلَيْسَ عِنْدِي بِمَقْصُودٍ، لَا فِي الرَّأْسِ، وَلَا فِي الْأُذُنَيْنِ، لَكِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَهُ مَنْ يَسْتَوْثِقُ فِي مَسْحِ رَأْسِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْصِدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مِنْهُ.
[مَسْأَلَة الْقِرَاءَة فِي قَوْله تَعَالَى وَأَرْجُلَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْله تَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: ٦]: ثَبَتَتْ الْقِرَاءَةُ فِيهَا بِثَلَاثِ رِوَايَاتٍ:
الرَّفْعُ، قَرَأَ بِهِ نَافِعٌ، رَوَاهُ عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ.
وَالنَّصْبُ، رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute