للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة لَمْ يُنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَكْنِزْ وَلَكِنَّهُ بَذَّرَ مَالَهُ فِي السَّرَفِ وَالْمَعَاصِي]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: فَإِنْ قِيلَ: فَمَنْ لَمْ يَكْنِزْ وَلَمْ يُنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلَيْسَ يَكُونُ هَذَا حُكْمَهُ؟ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ الْكَنْزِ؟ قُلْنَا: إذَا لَمْ يُنْفِقْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَكْنِزْ، وَلَكِنَّهُ بَذَّرَ مَالِهِ فِي السَّرَفِ وَالْمَعَاصِي فَهَذَا يَعْلَمُ أَنَّ يَكُونُ مِثْلَ هَذَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى.

[مَسْأَلَة وَقْت نُزُول آيَة وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَب وَالْفِضَّة]

فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَفَقْرِ الصَّحَابَةِ، وَفَرَاغِ خِزَانَةِ بَيْتِ الْمَالِ.

قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ قَدْ كَانَتْ شُرِعَتْ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَغْنِيَاءً، وَبَعْضُهُمْ فُقَرَاءً، وَقَدْ كَانَ الْفَقِيرُ مِنْهُمْ يَرْبِطُ بَطْنَهُ بِالْحِجَارَةِ مِنْ الْجُوعِ، وَبُيُوتُ الصَّحَابَةِ الْأَغْنِيَاءِ مَمْلُوءَةٌ مِنْ الرِّزْقِ، يَشْبَعُ أُولَئِكَ، وَيَجُوعُ هَؤُلَاءِ، فَيَنْدُبَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الصَّدَقَةِ، وَيُرَغِّبَهُمْ فِي الْمُوَاسَاةِ، وَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ الْخُرُوجَ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ.

[الْآيَة السَّابِعَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ]

ْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: ٣٥].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " مَنْ تَرَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ جُعِلَتْ صَفَائِحَ يُعَذَّبُ بِهَا صَاحِبُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ ".

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: " وَاَللَّهِ لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ رَجُلًا بِكَنْزٍ فَيَمَسُّ دِرْهَمٌ دِرْهَمًا، وَلَا دِينَارٌ دِينَارًا، وَلَكِنْ يُوَسِّعُ جِلْدَهُ حَتَّى يُوضَعُ كُلُّ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَلَى حِدَتِهِ ".

وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ أَحْمَرُ أَوْ أَبْيَضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>