للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُومُ مَعَك إلَّا أَصْغَرُنَا. فَكُنْت أَصْغَرَهُمْ. فَقُمْت مَعَهُ، فَأَخْبَرْت عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ. وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ. وَحِكْمَةُ التَّعْدَادِ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَنَّ الْأُولَى اسْتِعْلَامٌ، وَالثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ، وَالثَّالِثَةُ إعْذَارٌ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الِاسْتِئْنَاسَ هُوَ الِاسْتِئْذَانُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: {وَتُسَلِّمُوا} [النور: ٢٧] تَفْسِيرًا لِلِاسْتِئْذَانِ. وَقَدْ اخْتَرْنَا قَوْلَ ابْنِ قُتَيْبَةَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة الِاسْتِئْذَانُ فَرْضٌ وَالسَّلَامُ مُسْتَحَبٌّ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:

قَالَ جَمَاعَةٌ: الِاسْتِئْذَانُ فَرْضٌ، وَالسَّلَامُ مُسْتَحَبٌّ. وَبَيَانُهُ أَنَّ التَّسْلِيمَ كَيْفِيَّةٌ فِي الْإِذْنِ. رَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: أَأَلِجُ فَأَذِنَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ. قَالَ زَيْدٌ: فَلَمَّا قَضَيْت حَاجَتِي أَقْبَلَ عَلَيَّ ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ: مَالَكَ وَاسْتِئْذَانِ الْعَرَبِ، إذَا اسْتَأْذَنْت فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَإِذَا رُدَّ عَلَيْك السَّلَامُ فَقُلْ: أَأَدْخُلُ؛ فَإِنْ أَذِنَ لَك فَادْخُلْ. فَعَلَّمَهُ سُنَّةَ السَّلَامِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ «أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: أَدْخُلُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: قُمْ فَعَلِّمْ هَذَا كَيْفَ يَسْتَأْذِنُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ. فَسَمِعَهَا الرَّجُلُ فَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ».

[مَسْأَلَة كَمَالَ التَّعْدَادِ حَقُّ الَّذِي يَسْتَأْذِنُ إنْ أَرَادَ اسْتِقْصَاءَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:

رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «سَأَلْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَيْهِ، اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ فِيهِمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] فَقَالَ: حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ. قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ، وَذَكَرَ اعْتِزَالَ النَّبِيِّ فِي الْمَشْرُبَةِ قَالَ: فَأَتَيْت غُلَامًا أَسْوَدَ فَقُلْت: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ خَرَجَ إلَيَّ. فَقَالَ: قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>