قُلْنَا: إنَّ مَا يَجُوزُ أَخْذُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ فِي الشَّرْعِ مِنْ غَلَّةٍ وَسَرِقَةٍ فِي سَرِيَّةٍ، فَأَمَّا إذَا أَعْطَى مِنْ نَفْسِهِ الْأَمَانَ وَدَخَلَ دَارَهُمْ فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفِيَ بِأَلَّا يَخُونَ عَهْدَهُمْ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لِمَالِهِمْ، وَلَا شَيْءَ مِنْ أَمْرِهِمْ؛ فَإِنْ جَوَّزَ الْقَوْمُ الرِّبَا فَالشَّرْعُ لَا يُجَوِّزُهُ. فَإِنْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّهُمْ لَا يُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَالْمُسْلِمُ مُخَاطَبٌ بِهَا.
[مَسْأَلَةُ زِنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَرْبِيَّةٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: تَوَهَّمَ قَوْمٌ أَنَّ ابْنَ الْمَاجِشُونِ لَمَّا قَالَ: إنَّ مَنْ زَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَرْبِيَّةٍ لَمْ يَحُدَّ أَنَّ ذَلِكَ حَلَالٌ. وَهُوَ جَهْلٌ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ. وَمَأْخَذِ الْأَدِلَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]؛ فَلَا يُبَاحُ الْوَطْءُ إلَّا بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَا حَدَّ فِيهَا، نَازَعَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعَهُ؛ فَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا تستنزلنكم الْغَفْلَةُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.
[الْآيَة الْمُوفِيَة سِتِّينَ قَوْله تَعَالَى إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّه]
ِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا} [النساء: ١٧١]. فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى " فِي تَسْمِيَةِ عِيسَى بِالْمَسِيحِ: قَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَجْهًا فِي مَعْنَاهُ، وَأُمَّهَاتُهَا أَنَّهُ اسْمٌ عَلَمٌ لَهُ. أَوْ هُوَ فَعِيلَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وُلِدَ دَهِينًا لِأَنَّهُ مُسِحَ بِالدُّهْنِ أَوْ بِالْبَرَكَةِ، أَوْ مَسَحَهُ حِينَ وُلِدَ يَحْيَى. أَوْ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ عَلَيْهِ مَسْحَةُ جَمَالٍ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ جَمِيلٌ، أَوْ يَمْسَحُ الزَّمَنَ فَيَبْرَأُ أَوْ يَمْسَحُ الطَّائِرَ فَيَحْيَا، أَوْ يَمْسَحُ الْأَرْضَ بِالْمَشْيِ؛ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute