للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: يُخَيَّرُ فِيهِمْ بِأَرْبَعِ جِهَاتِ: قَتْلٌ، صَلْبٌ، قَطْعٌ وَقَتْلٌ، قَطْعٌ وَصَلْبٌ، وَهَذَا نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا سَادِسٌ.

السَّابِعُ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَالِكٌ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ بِتَخْيِيرِ الْإِمَامِ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ.

أَمَّا مَنْ قَالَ: لِأَنَّ {أَوْ} [المائدة: ٣٣] عَلَى التَّخْيِيرِ فَهُوَ أَصْلُهَا وَمَوْرِدُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّهَا لِلتَّفْصِيلِ فَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ، وَقَالَ: هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ: إنَّ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ أَنْ تُرْفَعَ مَنَازِلُهُمْ أَوْ يَكُونُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُلُولَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الطَّبَرِيُّ لَا يَكْفِي إلَّا بِدَلِيلٍ، وَمِعْوَلُهُمْ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ، أَوْ كَفَرَ بَعْدَ إيمَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ». فَمَنْ لَمْ يَقْتُلْ كَيْفَ يُقْتَلُ؟ قَالُوا وَأَمَّا قَوْلُكُمْ إنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ فَإِنْ التَّخْيِيرَ يُبْدَأُ فِيهِ بِالْأَخَفِّ، ثُمَّ يُنْتَقَلُ فِيهِ إلَى الْأَثْقَلِ؛ وَهَا هُنَا بَدَأَ بِالْأَثْقَلِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْأَخَفِّ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَرَّرَ تَرْتِيبَ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَفْعَالِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى، فَمَنْ قَتَلَ قُتِلَ، فَإِنْ زَادَ وَأَخَذَ الْمَالَ صُلِبَ؛ فَإِنَّ الْفِعْلَ جَاءَ أَفْحَشَ؛ فَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَحْدَهُ قُطِّعَ مِنْ خِلَافٍ، وَإِنْ أَخَافَ نُفِيَ.

الْجَوَابُ: الْآيَةُ نَصٌّ فِي التَّخْيِيرِ، وَصَرْفُهَا إلَى التَّعْقِيبِ وَالتَّفْصِيلِ تَحَكُّمٌ عَلَى الْآيَةِ وَتَخْصِيصٌ لَهَا، وَمَا تَعَلَّقُوا مِنْهُ بِالْحَدِيثِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: يُقْتَلُ الرِّدْءُ وَلَمْ يُقْتَلْ: وَقَدْ جَاءَ الْقَتْلُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَشْيَاءَ، مِنْهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>